کد مطلب:281452 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:207

یوم الخروج القیامة الصغری
هل یعلن العالم البشری إسلامه حین قیام الإمام المهدی علیه السلام؟

وهل یرضخ الجمیع لحكومته الربانیة یوم نهضته الكبری؟

من السذاجة جداً أن یعتقد البعض أنه بمجرد أن یخرج الإمام المهدی علیه السلام ویعلن ثورته المباركة یخضع الجمیع له طواعیة ویسلم الناس زمام أمورهم إلیه، وینقلب الكفار مؤمنین والمشركون موحدین بین عشیة وضحاها وتنثر الورود وتفرش الریاحین أمام جیشه وعسكرة فلا حرب ولا إرهاب ولا عنف ولا قتال بل تسلیم وإسلام وسلام.

فیا لیت أن یكون الأمر هكذا، ویا لیت أن یخضع الناس للإمام ویضع الكفار أسلحتهم علی الأرض ویأتوا للإمام مذعنین طائعین مسلمین أو مستسلمین، ویا لیت ان المشركین ینزعون من أدمغتهم فكرة التثلیث والشرك، ویطهر المنافقون قلوبهم من أدران النفاق والضغائن والأحقاد، ویرتدع الفساق عن فسقهم وفجورهم ویرجعوا إلی الإیمان والالتزام بمنهج الإسلام الحنیف، ویا لیت ان الظالمین والغاصبین یكفون أیدیهم عن الظلم والاعتداء ویردَّون حقوق المظلومین من غیر تعنت ومن غیر هضم وتنقیص.

ویا لیت ان المجرمین یتوبون إلی الله ویرضون ضحایاهم بما شاءوا وأرادوا، و یا لیت الحكام والطواغیت الجبابرة الذین طالما حكموا الناس بقوة الحدید والنار یتنازلون عن مناصبهم ویذهبون إلی الكهوف والجبال مستغفرین تائبین إلی الله مما ارتكبوا من الجرائم بحق شعوبهم.. ویا لیت ان السرَّاق والناهبین یُعیدوا الأموال المسروقة إلی أصحابها الشرعیین..ویا لیت ویا لیت..

ولكن تبقی هذه الأمنیات ولا تجد لها مصادیق خارجیة وقد قال الله تعالی فی كتابه المجید (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَی آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَیْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا یَكْسِبُونَ) (الأعراف:96) هیهات هیهات أن یستجیب الظالمون لنداء الحق، وهیهات هیهات أن یتنازل الحكام الجبابرة عن مناصبهم وعروشهم لأصحابها الشرعیین.

وهیهات هیهات أن یكف الظالمون عن ظلمهم ویعطوا حقوق المظلومین، بل الظلم -مع الأسف الشدید- یزاد یوماً بعد یوم وینتشر الفسق والفجور فی العالم ویخیم علی الناس الخوف والرعب من جراء تسلط الطواغیت والجبابرة. فالحروب تحصد النفوس والأرواح والدماء تسیل فی الشوارع والأزقة، والأعراض تهتك علناً، والأموال تسرق سراً وجهراً والجرائم ترتكب بحق الأبریاء أمام الملأ من دون رادع. والیوم إذا دخلت مدینة أو قریة أو منزلاً فلا تشاهد إلا اثار الظلم والاعتداء موجودة فی كل مكان، فالظلم والفجور والاعتداء قد دخل فی كل مدینة ودار, والعالم یَئنُّ من وطئة ظلم الظالمین والفجار ومن حكم الجبابرة والطغاة, وصرخات الاستغاثة تملأ الفضاء من دون مغیث وناصر, ومصانع الأسلحة المدمرة تعمل لیلاً ونهاراً فی خدمة المجرمین و الحكام, وآلاف الملیارات تصرف لتطویر الأسلحة الفتاكة فی الوقت الذی یموت مئات الألوف من الناس من الجوع والفقر.هذا فی العالم الغربی والشرقی.

وأما فی البلدان الإسلامیة فالوضع إن لم یكن بأسوء من غیرها فهی لیست بأحسن حالاً منها. فالفقر والعوز یفتك بالناس, والظلم والفسوق یمارس فی كل مكان, والأوضاع الاقتصادیة المتردیة تخیم علی الجمیع، وحتی الأطفال والنساء یباعون فی أسواق الرقیق, و الوحوش البشریة تجول فی المدن والقری والأریاف. وهی تفترس الأبریاء وتمتص دمائهم وأموالهم بقوة الحدید والنار, ووعاظ السلاطین یبررون جرائم الطغاة ویضفون علیها الشرعیة, والناس صامتون یتفرجون علی المذابح والجرائم یقتلهم الخوف والفزع.. فإلی من الملجأ الیوم وإلی أین الفرار؟ فمن یجیب صرخات المستضعفین, ومن یقطع أیادی السارقین, ویردع الظالمین ویرفع الظلم عن الجماهیر, ومن یأخذ بحق الفقراء والمساكین, ومن یرد الحقوق المغتصبة إلی أهلها الشرعیین؟

ومن یقتل الطغاة والمجرمین وینتقم من الحكام الجبارین؟!, ومن یضرب أعناق المحتالین؟ ومن یكشف زیف المتلبسین بالدین ویفضح وعاظ السلاطین؟

فالإنسانیة تعیش حالة الاحتضارٌ والیأس یلف الجمیع من إمكانیة تغیر الأوضاع فیوماً بعد یوم الأمور إلی الأسوء بل الكل الیوم یشاهد الأوضاع تسیر بسرعة فائقة نحو الإنحطاط یتدهور والعالم نحو الهاویة والجحیم, فهل لهذه المأساة من نهایة...وهل للعالم من مخلص ومنقذ؟ وهل لصرخات المستغیثین من مجیب، وهل لقطع دابر الظالمین من رجل عادل؟

أجل لقد ادخر الله سبحانه لعالم الیوم شخصیة عظیمة من نسل الرسول الأكرم لیقوم بمهمة الإنقاذ واستخلاص البشریة من براثن الظلم والفقر والفساد و یطهر الأرض من الطغاة والظالمین ویقتل الجبابرة والمفسدین بلا رحمة كما لم یرحموا أحداً من العالمین.

إذن أین هذه الشخصیة المنقذة ومتی یظهر؟

أین قاطع دابر المتكبرین؟

أین هادم أبنیة الشرك والنفاق؟

أین مبید أهل الفسوق والعصیان والطغیان؟

أین قاطع حبائل الكذب والافتراء؟

أین محیی معالم الدین وأهله؟

أین قاصم شوكة المعتدین؟

أین السبب المتصل بین الأرض والسماء؟

أین صاحب یوم الفتح وناشر رایة الهدی؟

أین مؤلف شمل الصلاح والرضی؟

أین الطالب بذحول الأنبیاء وأبناء الأنبیاء؟

أین الطالب بدم المقتول بكربلاء؟

أین ابن النبی المصطفی وابن علی المرتضی و ابن خدیجة الكبری وابن فاطمة الزهراء؟..

أجل ها هو الإمام العادل ینتظر بفارغ الصبر الإذن الإلهی بالخروج، فالأمر قریب وقریب جداً. إنها الساعة التی لا تأتیهم إلاّ بغتة فتبهتهم، وفی ذلك الوقت لا تقبل توبة أحد من الظالمین والمجرمین، لأن فترة التوبة قد انتهت ومدّة العودة قد انقضت.

فالإمام المهدی المنتظر القائم بالسیف لا یأتی من دون برنامج سماوی منظم بل عنده عهد مكتوب من رسول الإسلام أن لا یقبل توبة أحد إنما التوبة للذین یعملون السیئات ثم یتوبون من قریب ویستغفرون ویعودون إلی رشدهم قبل أن تأتیهم ساعة الصفر من قبل الباری أَلا وهو الموت أو قیام الحجة. فإذا انتهت المدة وجاء الأجل قضی الأمر وارتفعت مهلة الاستغفار فیجری فیهم الإمام حكم الله ویقضی علی الظالمین الطغاة قضاء كاملاً ویبیدهم عن بكرة أبیهم و لا تأخذه فی الله لومة لائم، ولذا جاء فی الأحادیث الشریفة أن خروج الإمام الحجة هو الساعة التی تأتی بغتة وهی تشبه إلی حد كبیر ساعة القیامة. ولذا اشتبه علی بعض المؤلفین فی معرفة حقیقة المراد من الساعة المذكورة فی بعض الآیات والروایات، هل تقصد ساعة الخروج أم ساعة القیامة. ولهؤلاء الحق فی هذا الاشتباه والارتباك لأن كلمة الساعة تنطبق علی ساعة الخروج وساعة القیامة معاً لأن المفاجئة والمباغتة موجودة فی كلا الساعتین من جهة، وعدم قبول التوبة من الظالمین والمجرمین من جهة أخری. فالساعة عبارة عن انتهاء المهلة للظالمین وهی ساعة الصفر لبدء الانتقام ولذا فُسرت بعض الآیات الكریمة التی تتحدث عن الساعة بساعة قیام الإمام المهدی علیه السلام (حَتَّی إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا یَا حَسْرَتَنَا عَلَی مَا فَرَّطْنَا فِیهَا وَهُمْ یَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَی ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاءَ مَا یَزِرُونَ) (الأنعام:31). ولم تكن اعتباطاُ حینما أولت تلك الأحادیث التی تتحدث عن الیوم الموعود لقیام الإمام المهدی علی أنه إنتهاء مهلة إبلیس اللعین، بل هی الحقیقة والواقع فالروایات التی تتحدث عن الانتقام الإلهی من الظالمین والمنافقین والقاسطین ساعة خروج الإمام المهدی كثیرة نتطرق إلی بعضها كما یلی:

1- عن الحسین بن حمدان عن محمد بن إسماعیل وعلی بن عبد الله الحسنی عن أبی شعیب (و) محمد بن نصر عن عمر ابن الفرات عن محمد بن المفضل عن المفضل بن عمر قال سألت سیدی الصادق علیه السلام هل للمأمور المنتظر المهدی علیه السلام من وقت موقت یعلمه الناس؟ فقال: حاش لله أن یوقت ظهوره بوقت یعلمه شیعتنا. قلت: یا سیدی ولم ذلك؟ قال: لأنه هو الساعة التی قال الله تعالی ( یَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ اَیَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّی لا یُجَلِّیهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِی السَّماوَاتِ وَالاَرْض) (الاعراف:187) وهو الساعة التی قال الله تعالی: (یَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ اَیَّانَ مُرْسَاهَا) ) وقال (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) (الزخرف:85) ولم یقل إنها عند أحد، وقال: (فَهَلْ یَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِیَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا) (محمد:18) وقال (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) (القمَر:1) وقال: (وَمَا یُدْرِیكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِیبٌ - یَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِینَ لاَ یُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِینَ ءَامَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَیَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِینَ یُمَارُونَ فِی السَّاعَةِ لَفِی ضَلاَلٍ بَعِید) (الشوری:17-18)...

2- وروی السید علی بن عبد الحمید فی كتاب الأنوار المضیئة بإسناده إلی أحمد بن محمّد الأیادی یرفعه إلی إسحاق بن عمّار قال: سألته - یعنی زین العابدین علیه السلام - عن إنظار الله تعالی إبلیس وقتاً معلوماً ذكره فی كتابه، قال: (قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنْظَرِینَ - إِلَی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) (الحجر:37-38). قال: الوقت المعلوم یوم قیام القائم، فإذا بعثه الله كان فی مسجد الكوفة وجاء إبلیس حتّی یجثو علی ركبتیه، فیقول: یا ویلاه من هذا الیوم...

3- ذكر السید ابن طاووس فی كتاب (سعد السعود): - إنی وجدت فی صحف إدریس النبی علیه السلام عند ذكر سؤال إبلیس وجواب الله له، قال ربی فأنظرنی إلی یوم یبعثون. قال: لا ولكنك من المنظرین إلی یوم الوقت المعلوم، فإنه یوم قضیت وحتمت أن أطهر الأرض ذلك الیوم من الكفر والشرك والمعاصی، وانتخبت لذلك الوقت عباداً لی امتحنت قلوبهم للإیمان وحشوتها بالورع والإخلاص... ذلك وقت حجبته فی علم غیبی ولابد أنه واقع، أبیدك یومئذ وخیلك ورجلك وجنودك أجمعین فأذهب فإنك من المنظرین إلی یوم الوقت المعلوم-.

4- روی محمد بن علی بن الحسین بن بابویه (الصدوق) فی المجلس الذی جری له مع ركن الدولة قال: روی عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم أنه قال: ومثل القائم من ولدی مثل الساعة قال الله تعالی: (یَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَیَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إنما عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّی لا یُجَلِّیهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِی السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِیكُمْ إلا بَغْتَةً) (الأعراف:187)

5- وروی عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم: - مَثَلهُ مثلُ الساعة لا یجلیها لوقتها إلاّ الله عز وجل لا تأتیكم إلاّ بغتة-.

6- عن دعبل الخزاعی عن الإمام الرضا علیه السلام: حدثنی أبی عن أبیه عن آبائه علیهما السلام أن النبی صلی الله علیه و آله و سلم قیل له: یا رسول الله متی یخرج القائم من ذریتك؟ فقال علیه السلام: - مثله مثل الساعة التی لا یجلیها لوقتها إلاّ هو ثقلت فی السموات والأرض لا تأتیكم إلاّ بغتة-.

7- عن الإمام الصادق علیه السلام، فی قوله تعالی (هَلْ أَتَاكَ حَدِیثُ الْغَاشِیَةِ) قال: یغشاهم القائم بالسیف (تَصْلَی نَارًا حَامِیَةً) قال تصلی نار الحرب فی الدنیا علی عهد القائم وفی الآخرة نار جهنم-.

8- وعن الإمام الصادق علیه السلام فی قوله تعالی: (وَلَنُذِیقَنَّهُمْ مِنْ الْعَذَابِ الأَدْنَی دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ) قال: - إن الأدنی القحط والجدب، والأكبر خروج القائم المهدی علیه السلام بالسیف فی آخر الزمان-.

9- وجاء فی إلزام الناصب عن أمیر المؤمنین علیه السلام: - إن فی قائمنا أهل البیت كفایة للمستبصرین وعبرة للمعتبرین ومحنة للمتكبرین لقوله تعالی (وَأَنذِرْ النَّاسَ یَوْمَ یَأْتِیهِمْ الْعَذَابُ) هو ظهور قائمنا المغیب لأنه عذاب علی الكافرین وشفاء ورحمة للمؤمنین-.

10- عن الإمام الصادق علیه السلام: -... إذا قام قائمنا انتقم لله ورسوله ولنا أجمعین-.

11- عن الإمام الباقر علیه السلام: -... وأما شبهه من جده المصطفی صلی الله علیه و آله و سلم فتجریده السیف وقتله أعداء الله وأعداء رسوله والجبارین والطواغیت، وأنه ینصر بالسیف وبالرعب وأنه لا ترد له رایة-.

12- عن أمیر المؤمنین علیه السلام: -... ثم یفرجها الله عنكم كتفریج الأدیم بمن یسومهم خسفاً ویسوقهم عنفاً ویسقیهم بكأس مصبّرة لا یعطیهم إلاّ السیف ولا یحلسهم إلاّ الخوف... ویتوجه إلی الآفاق فلا تبقی مدینة وطئها ذو القرنین إلاّ حلّها وأصلحها ولا یبقی كافر إلاّ هلك علی یدیه ویشفی الله قلوب أهل الإسلام-.

13- عن الإمام الباقر علیه السلام: - یقتل القائم بین كربلاء والكوفة ستة عشر ألف فقیه فیقول الناس هذا لیس من نسل فاطمة-.

14- ویقول الإمام الصادق علیه السلام للمفضل بن عمرو بعد ذكره خبر نزول القائم علیه السلام فی الكوفة وإعطائه بعض المعاجز التی یطلبها منه الحسنی وأصحابه: -... فیبایعه (الحسنی) ویبایع سائر العسكر الذی مع الحسنی إلاّ أربعین ألفاً أصحاب المصاحف المعروفون بالزیدیة، فأنهم یقولون: ما هذا إلاّ سحر عظیم. فیختلط العسكران فیقبل المهدی علیه السلام علی الطائفة المنحرفة، فیعظهم ویدعوهم ثلاثة أیام، فلا یزدادون إلاّ طغیاناً وكفراً، فیأمر بقتلهم فیقتلون جمیعاً. ثم یقول لأصحابه: لا تأخذوا المصاحف، ودعوها تكون علیهم حسرة كما بدلوها وغیروها وحرفوها ولم یعملوا بما فیها-.

والأحادیث حول وجود من ینكره ویعارضه ویتأول علیه القرآن من المتلبسین بالدین كثیرة، نقدم ما أوردناه فی مبحث سابق عن الإمام الباقر علیه السلام من أنه یخرج علی الإمام من ظهر الكوفة بضعة عشر ألفاً یدّعون التبرئة منه ویقولون له ارجع من حیث أتیت فلا حاجة لنا فی بنی فاطمة فیقتلهم جمیعاً، ویقتل كل مرتاب فی الكوفة، كما ورد عن الإمام الصادق علیه السلام، أن القائم علیه السلام لا یلبث قلیلاً حتی تخرج علیه خارجة من الموالی برمیلة الدسكرة، وفی روایة أن عددهم عشرة آلاف، ویقتلهم جمیعاً، وفی روایة أن القائم یحدّثكم حدیثاً لا تحتملونه فتخرجون علیه برمیلة الدسكرة فتقاتلونه فیقتلكم وهی آخر خارجة تكون، وفی روایة أخری أن صاحب الأمر حینما یحكم ببعض الأحكام ویتكلم ببعض السنن تخرج علیه خارجة من المسجد فیلحق بهم أصحابه فی التمّارین ویأتون بهم أسری فیذبحون-.

15- كما ورد فی الحدیث عن الإمام الباقر علیه السلام: -... ثم یحدث حدثاً فإذا فعل قالت قریش أخرجوا بنا إلی هذا الطاغیة فو الله لو كان محمدیاً ما فعل ولو كان علویاً ما فعل ولو كان فاطمیاً ما فعل، فیمنحه الله أكتافهم فیقتل المقاتلة ویسبی الذریة-.

16- عن الإمام الصادق علیه السلام، فی تفسیر قوله تعالی (هُوَ الَّذِی أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَی وَدِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَی الدِّینِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة:33) قال: - والله ما نزل تأویلها بعد ولا ینزل تأویلها حتی یخرج القائم علیه السلام فإذا خرج القائم لم یبق كافر بالله العظیم ولا مشرك بالإمام إلاّ كره خروجه حتی لو كان كافر أو مشرك فی بطن صخرة لقالت: یا مؤمن فی بطنی كافر فأكسرنی فاقتله-.

17- عن الإمام الباقر علیه السلام: - لو یعلم الناس ما یصنع القائم إذا خرج لأحبّ أكثرهم ألاّ یروه مما یقتل من الناس أما أنه لا یبدأ إلاّ بقریش فلا یأخذ منها إلاّ السیف ولا یعطیها إلاّ السیف حتی یقول كثیر من الناس لیس هذا من آل محمد ولو كان من آل محمد لرحم-.

18- عن الرسول صلی الله علیه و آله و سلم، فی أحد أحادیث المعراج عن الله تعالی: -... وهذا القائم یُحلّ حلالی ویحرِّم حرامی وینتقم من أعدائی یا محمد أحببُهُ وأحببُ من یحبُّهُ-.

20- عن الإمام الباقر علیه السلام: - إذا قام القائم علیه السلام ذهبت دولة الباطل-.

21- وعنه أیضاً علیه السلام: - إذا قام قائم أهل البیت قسّم بالسویة وعدل فی الرعیة فمن أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصی الله...-.

22- قال الإمام الصادق علیه السلام - یا مفضل؛ لیس للمهدی وقت لأنه كالساعة إنما علمها عند ربی، إلی أن قال: لا یوقت لمهدینا وقت إلا من شارك الله فی علمه وادعی أنه أظهره علی سره-.

لم تدع هذه الروایات الواضحة والصریحة لأحد شكاً فی أخذ الإمام بالثأر الإلهی من جمیع الظالمین والمجرمین ومن المتلبسین بالدین الذین أعطوا الشرعیة لجرائم الطغاة والذین سكتوا عن الظلم والفساد وذهبوا فی ترتیب أوضاعهم المالیة والاقتصادیة بأموال المسلمین من دون أن یقوموا بمهمة الأمر بالمعروف والنهی عن المنكر فی الوقت الذی أخذ الله علی العلماء أن لا یقارُّوا علی كظة ظالم ولا سغب مظلوم كما قال مولانا أمیر المؤمنین (علیه الصلاة والسلام). ولكن نتساءل: هل الإمام الحجة علیه السلام حین قیامه بثورته الإصلاحیة والقضاء علی الطغاة یغض الطرف عن علماء السوء لأنهم من قریش أو من الحسب والنسب الكذائی، أم یبدأ بهم أولاً قبل الآخرین لیكونوا درساً لغیرهم وعبرة للناس بأن الإمام لا یتهاون ولا یساوم مع أحد فی إجراء العدالة الإلهیة ولو كانوا من أقربائه وعشیرته؟.

لاشك إن الإمام وكما قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم: - یكون من الله علی حذر لا یغتر بقرابته ولا یضع حجراً علی حجر ولا یقرع أحداً فی ولایته بسوط إلاّ فی حدّ، لیمحوا الله به البدع كلها ویمیت الفتن كلها-. فالإمام لا یظلم أحداً ولا یعتدی علی أحدٍ ولا یقوم إلا بالحق فكل ما یقوم به من إبادة للظالمین وقتل المجرمین وتطهیر الأرض من الفساد والمفسدین فهو بأمر من الله عز وجل وبعهد من رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ولا تمنعه من إجراء العدالة المحسوبیات أو القرابة ولذا فهو یبدأ بقریش فلا یعطیهم إلا السیف ولا یأخذ منهم إلا السیف ولا تأخذه فی الله لومة لائم، فهو كمولانا أمیر المؤمنین یری القوی عنده ضعیفاً حتی یأخذ الحق منه والضعیف عنده قویاً حتی یأخذ الحق له. و الإمام المهدی لیس مهمته الوعظ والإرشاد لأن زمن الموعظة والإرشاد قد انتهی, فمن كان یرید لنفسه الخیر والصلاح لأصلح نفسه بآیات الذكر الحكیم وأحادیث الرسول الكریم وتوجیهات آله الطیبین الطاهرین.

بل إن مهمته الأساسیة تطبیق الإسلام بحذافیره وبحدوده وقوانینه وإجراء القصاص والعقوبات بكل صرامة واجراء أحكام العدالة، فلا رحمة علی الطغاة ولا شفقة علی المجرمین ولا عفو عن السارقین و لا تغافل عن المعتدین، بل المقیاس عند الإمام هو الحق والحقیقة بكل أبعادها والعدالة الكاملة بكل جوانبها إنما الرحمة فی ذلك الیوم للفقراء والمساكین، والشفقة والعطف علی المستضعفین والمحرومین إذا لم یكونوا متعاونین مع المجرمین، وكما روی عن الإمام الصادق علیه السلام، وعن جدّه المصطفی صلی الله علیه و آله و سلم، فإن: - المهدی سمح بالمال، شدید علی العمال، رحیم بالمساكین- و- المهدی كأنما یُلعق المساكین الزّبدَ- و- یبلغ من رد المهدی المظالم حتی لو كان تحت ضرس إنسان شیء انتزعه حتی یرده-. فالإمام هو المنقذ الحقیقی للبشریة من براثن الظلم والطغیان ومطبق للشریعة الحقة. فالإمام حینما ینهض لا یرفع رایة اللاّعنف ورایة المحبة والسلام لأعداء الله وأعداء الرسول، إنما یعمل بالآیات القرآنیة التی تدعو إلی قتال المشركین كافة حتی لا تكون فتنة، ولیجدوا فی الإمام وأصحابه غلظة وشدة ویكون الإمام وأصحابه أشداء علی الكفار رحماء بینهم. وإذا كانت هناك روایات وأحادیث تتحدث عن الإمام المهدی وأنه یسیر بسیرة مولانا أمیر المؤمنین بالمن والكف، فإن لهذه الروایات تطبیقات بعد الانتصار الساحق علی الأعداء وبعد أن تضع الحرب أوزارها كما فعله أمیر المؤمنین علیه السلام، أما فی فترة القتال ومدة الحرب التی تستغرق ثمانیة أشهر فضرب الأعناق وقتل الأعداء قائم علی قدم وساق، وهذا ما تؤكده الأحادیث الواردة عن أهل البیت التی تتحدث عن القتال ووضع الإمام السیف علی عاتقه لمدة ثمانیة أشهر كما قال أمیر المؤمنین علیه السلام: - یفرّجُ الله الفتنَ برجلٍ منّا، یسومُهم خسفاً، لا یُعطیهم إلاّ السیف، یضعُ السیفَ علی عاتقهِ ثمانیة أشهرٍ هرجاً، حتی یقولوا: والله، ما هذا من ولد فاطمة ولو كان من ولد فاطمة لرحمنا. یغریه الله ببنی العباس وبنی أُمیَّة-.

وكما قال الإمام الباقر علیه السلام وولده الإمام الصادق علیه السلام فان الإمام(عج): -... یجرد السیف علی عاتقه ثمانیة أشهر یقتل هرجاً حتی یرضی الله-.

هذا بالإضافة إلی أن سیرة أمیر المؤمنین مع القاسطین والمارقین والناكثین لم تكن إلاّ بالسیف والقتال. فالمعارك الضاریة والدامیة التی جرت بین الإمام ومعاویة وبین الإمام والناكثین وعلی رأسهم طلحة والزبیر وعائشة, وبین الإمام والمارقین (الخوارج) تشهد لها صفحات التاریخ علی كثرة الضحایا والمقتولین. أجل سار بالمن والكف بعد الانتصار الساحق الذی حققه الإمام ضد أعداء الله. وهكذا تكون سیرة الإمام المهدی علیه السلام.

فهو بعد أخذ الثائر من الظالمین وإراقة دماء الفجار والمجرمین وبعد تطهیر الأرض من أئمة الكفر وأتباعهم یعفو عن بقیة الناس المغفلین والجاهلین ویسیر فیهم بالمن والكف بعد أن یضع الله الرحمة فی قلبه علیه السلام كما سار سیدنا ومولانا أمیر المؤمنین علی ابن أبی طالب علیه السلام بأهل البصرة. هذا إذا سلكنا مسلك التوفیق بین روایة المن والكفّ والروایات التی تتحدث عن قیام الإمام بالسیف وقتل الظالمین بلا هوادة، أما إذا لم نرتضِ إلاّ بروایة المن والكف فی سیرة الإمام فی الحروب فلابد من إلغاء الروایات الكثیرة المتواترة التی تصرح بسیرة الإمام بقتال المجرمین والظالمین وعدم المسامحة مع الطغاة والأخذ بثأر المظلومین وقتل الأعداء المحاربین. ومن الطبیعی عدم استطاعة روایة المن والكف مقاومة الروایات المتواترة بأخذ الإمام بثارات المظلومین والمضطهدین والشهداء، وعدم إمكانیة تطهیر الأرض من براثن الشرك والكفر والنفاق ما دامت تلك العناصر الضالة والمجامیع المنحرفة الحاقدة فی المجتمع حیةٍ تسعی فی ضرب الأهداف المقدسة للإمام علیه السلام وبذلك تتلاشی أهداف ثورته المباركة، بل لا یمكن لها من تحقیق طموحاتها السامیة من إجراء العدالة الشاملة، هذا بالإضافة إلی ما یسبب حالة المن والكف إبقاء الحكومات الظالمة لسیطرتها الغاشمة علی الشعوب المستضعفة لأن علی الإمام إما أن یحارب الظلم والظالمین أو یعفو عنهم مناً وكفاً عن القتال وهذا مخالف للأهداف الربانیة التی قام الإمام بثورته المباركة لأجلها بل نستطیع القول إن سیاسة المنّ حتی لو استطاعت الإطاحة بالحكومات الفاسدة فهی لا تستطیع توفیر الأمن والاستقرار للناس إذا ترك عناصرها المجرمة تسرح وتمرح فی الأرض لأن هؤلاء المجرمین یلجؤون إلی التخریب والتفجیر لزعزعة الأمن والاستقرار ولهذا فنحن نری أن الروایات التی تتحدث عن قتل المجرمین والظالمین والانتقام من المفسدین، هی الأصح والأقرب إلی تحقیق أهداف الإمام فی استقرار الأمن والطمأنینة والسعادة للناس خصوصاً وأن هذه الروایات تذكر العلّة فی سبب القضاء علی الظالمین فالخیر كل الخیر تحت ظلال السیوف و الخیر كل الخیر فی بقیة السیف كما جاء فی الأحادیث الشریفة، والخیر كل الخیر تحت ظل العدالة الإلهیة والخیر كل الخیر فی حكومة الإمام المهدی علیه السلام. فالسعادة تعمر القلوب والنفوس ابتهاجاً بعدالة الإمام وبمساواته بین الناس تطبیقاَ لحدیث الرسول الأكرم - إن الناس من عهد آدم إلی یومنا هذا مثل أسنان المشط، لا فضل للعربی علی العجمی، ولا للأحمر علی الأسود إلا بالتقوی-. فالناس كلهم سواسیة كأسنان المشط لا تمایز ولا تفاضل فی الأنساب ولا بین القومیات والعرقیات. فخروج الإمام علیه السلام هو فی الحقیقة القیامة الصغری. فكما أن فی القیامة الكبری حساب وكتاب وموازین وعدالة ولا تأجیل للحساب ولا توبة بل ثواب و عقاب، كذلك فی خروج الإمام القیامة الصغری لا توبة ولا تأجیل بل عدالة وكتاب وحساب وعقاب وثواب. فالمجرم یلاقی جزاءه والمحسن ینال أجره. المظلوم یأخذ حقه من ظالمه أینما كان. ویبدو أن المشیئة الإلهیة اقتضت أن تكون هناك قیامة مصغّرة علی وجه البسیطة قبل القیامة الكبری التی یجمع الله فیها الناس، ولكن القیامة الصغری یقیمها الله حین یأذن للإمام المهدی علیه السلام بالخروج والقضاء علی المجرمین وإعطاء حقوق المظلومین وتحقیق العدالة الشاملة علی الكرة الأرضیة لإرساء قواعد الأمن والسعادة للبشریة جمعاء. فالعالم الیوم بانتظار صاحب العدالة والسعادة والمساواة، وإلی ذلك الیوم (یوم الخروج) الذی قال الله تعالی: (وَاسْتَمِعْ یَوْمَ یُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِیبٍ یَوْمَ یَسْمَعُونَ الصَّیْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ یَوْمُ الْخُرُوجِ) (ق:42)

الجمیع بانتظاره، بانتظار تطبیق العدالة فی العالمین، یوم یكون فیه توفیر السعادة والرفاه لكل المستضعفین ولجمیع الناس علی حدّ سواء، ذلك یوم الحق، فهل نحن من المنتظرین لخروجه حقاً؟